الزط الاصول والجذور
--------------------------------
اصلهم نشاءتهم و موطنهم
===========================
الزط بضم الزاي وتشديد الطاء هو تعريب للكلمة الفارسية جت Jat أو Jets . أصلهم من بلاد الهند إلى بلاد فارس والعراق و منطقتهم تقع بين المنصورة ومكران في بلاد السند وهم من أهم شعوب وادي السند كانوا سادة البلاد حين أغارت عليهم قبائل الآريين ، وقد بادر الزط إلى الخضوع فعاملهم الآريون معاملة حسنة وكونوا منهم طائفة جديدة عرفت باسم " طائفة الويشية " التي لا تزال تضم أبناء الطبقة الوسطى ولا سيما التجار ، ولقد تأثر سكان هذه المنطقة بثقافات وعادات وتقاليد الشعوب الآرية ونتيجة للاختلاط والمصاهرة معهم ظهرت مجموعات من الزط تتباين في ألوانها منها من يميل إلى السمرة الشديدة وهناك من يميل إلى البياض وكانوا يسمون بالنور والغجر كما عرفوا أيضاً باسم سلولي أو لوري ولعلها أصل لكلمة نوري كلمة يطلقها السوريون على الغجر و يشتغلون بالسفن والقرصنة في البحر وكذلك بالرعي أو قطع الطريق في البر تبعاً للبيئة والظروف المحيطة بهم . أما عن صفة الزط الجسمانية فهم طوال غير غلاظ ويتسمون بتناسق الأعضاء وذكاء المنظر ، والاسمرار واتساع الأنوف وارتفاع طرفها وصغر العيون وأفقيتها ونتؤ الوجنات ودقة اللحي ، واسوداد الشعور وكثافتها . وتتصف نساؤهم بطول القدود مع حسن المنظر . وكانت للزط طريقة فريدة مشهورة في قص شعورهم كما اشتهر الزط بصناعة الثياب " وإليهم تنسب الثياب الزطية ".وكانت فيما يبدو تختلف في صناعتها عن باقي الثياب المعروفة في ذلك الوقت
بدء الاتصال بالعرب
-------------------------------------
بعد ظهور الإسلام وجه الحاكم الفارسي هرمز عدة حملات بحرية إلى سواحل بلاد السند وكانت نتيجة لهذه الحملات أن وقع في أسره أعداد كبيرة من أهالي السند معظمهم من قوم الزط فجلبهم إلى فارس ، ، و ضمهم إلى الجيوش الساسانية ليحاربوا العرب بجانب الفرس وعندما فتح المسلمون هذه البلاد تعايشت هذه الجماعات مع قبائل العرب وحرصت على بقاء تقاليدها وعاداتها القديمة
أما انتشار الزط على سواحل أفريقيا فابن منظور يرجعهم إلى أصل سوداني " إذ يقول : ( وهم جنس من السودان والهنود ) وأن هؤلاء القوم يذكرون بأن أسلافهم وفدوا إلى هذه المنطقة من وراء البحار ولعل المراد بها بلاد السند كما أن بعض هذه العناصر السندية قد استوطنت اليمن وسواحل شرق أفريقيا و أصبح لهم شأن فيها .
الزط ابان االعهد النبوى والخلفاء الراشدين ..
كان النبي (ص) وأصحابه على معرفة تامة بأهل السند ولقد ذكر قوم الزط في عدة أحاديث شريفة منها ماورد عن عبدالله بن مسعود مانصه " صلى الرسول (ص) العشاء ثم أنصرف فأخذ بيد عبدالله بن مسعود حتى خرج يه إلى بطحاء مكة فأجلسه ثم خط عليه خطا ، ثم قال لا تبرحن خطك ، سينتهي إليك رجال فإنهم لا يكلمونك " . قال ثم مضى رسول الله (ص) حيث أراد . فبينما أنا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط ، أشعارهم وأجسامهم لا أرى عورة ولا أرى قشرا ، ينتهوا إلي ولا يجاوزون الخط ثم يصدرون إلى رسول الله (ص) .
كما ورد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قوله " قال النبي (ص) رأيت عيسى وموسى وإبراهيم فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر وأما موسى فأدم جسيم سبط كأنه من رجال الزط " والمراد بالجسيم في صفة موسى هنا الزيادة في الطول لذا شبه برجال الزط ......
لم يكن للزط المقيمين بشبه الجزيرة العربية دور سياسي يذكر في عهد الرسول(ص) حتى كانت حروب الردة فاشترك الزط المقيمون بالقطيف وهجر مع المرتدين في محاربة المسلمين ويذكر الطبري أن المسلمين بعدما أحرزوا النصر على المشركين واستحوذوا على جميع مافي معسكرهم تتبعوهم ، فقصدت فلول المشركين بلده دارين ( وهي قريبة من الساحل ) فركبوا فيها السفن ورجع الآخرون إلى بلاد قومهم . فمن المحتمل أن بعض فلول المشركين الذين ركبوا السفن ورجعوا إلى بلادهم هم الزط والسيابجة الذين كانوا يقيمون في البحرين والذين ساندوا وناصروا المرتدين على المسلمين بعد أن أغواهم الحطم بن ضبيعة .
وبعد هذه الموقعة تقابل المسلمون مع الزط في مواقع كثيرة وذلك أثناء الفتوحات الإسلامية لبلاد العراق وفارس . ومن هذه المعارك معركة ذات السلاسل التي وقعت في عهد الخليفة أبي بكر الصديق سنة 12هـ / 634م .
وفي خلافة عمر بن الخطاب دخل كثير من الهنود كالأساورة والسيابجة والزط المقيمين في بلاد فارس في الإسلام على يد أبي موسى الأشعري سنة 16هـ / 638م .فلما صاروا إلى البصرة سألوا أي الأحياء أقرب نسباً لرسول الله (ص) فقيل لهم بني تميم ، فحالفوهم ثم خطت لهم خططهم فنزلوا بها وحفروا نهرهم المعروف بنهر الأساورة ولقد انخرطوا في حياة المسلمين العامة ولعبوا دوراً مهماً في الأحداث السياسية والاقتصادية واشتركوا في فتح بلاد فارس وخراسان وسجستان وكرمان ومكران والسند ، ونظراً لشجاعتهم ومراسهم في الأعمال المصرفية فقد وكلت إليهم أعمال كالحراسة والأعمال المصرفية والحسابات . كما كان حراس الخليفة عثمان بن عفان بعضاً من قبيلة الزط ، وقد دافعوا عنه بشجاعة حتى قتلوا جميعاً على بابه قبل استشهاده كما وقف الزط مع علي ابن أبي طالب(ع ) وكانوا من رجاله ، وقد وكل إليهم حراسة بيت مال البصرة ودار الإمارة والمسجد الجامع والسجن ، وبذلك صاروا يقومون بدور الشرطة في المدينة .
الزط فى العهد الاموى
------------------------------------
بعد استيلاء معاوية بن أبي سفيان على الحكم ، وتفرغه لتنظيم أمور دولته أقدم على نقل عدد من الزط والسيابجة إلى سواحل بلاد الشام وثغورها لإبعادهم عن منطقة الشغب من جهة ، ولتقوية الحاميات الإسلامية قرب الحدود البيزنطية وبناء السفن وتعمير هذه البلاد زيادة عدد سكانها من جهة أخرى .
عهد العباسين
------------------------------------
لما قامت الدولة العباسية عمل خلفاؤها جاهدين على الحفاظ على بلاد السند الإسلامية وسعوا على توسيع رقعتها. وفي عهد المهدي قام الزط بالاضطرابات والفتن في الأجزاء الغربية من البلاد يساندهم في ذلك الأمراء الهنادكة على الحدود الغربية من بلاد الهند . فكان هؤلاء الأمراء يمدون الزط بالمال والسلاح حتى يستمروا في مضايقة العرب ، ومن ثم اقتطاع أراضٍ من أملاك المسلمين السندية وضمها إلى إمارتهم فعين المهدي بسطام بن عمرو التغلبي نظراً لما اكتسبه من خبرات كثيرة في السنوات الطويلة التي عاشها في تلك البلاد فاستطاع أن يقضي على الانتفاضات التي قام بها الزط وأما عن الزط القاطنين في جنوب العراق فقد تكاثر عددهم مع مرور الأيام ، وتزايدت قوتهم أثناء الفتنة بين الأمين والمأمون مما شجعهم على إثارة الفتن والقلاقل رغبة في التخلص من الظلم والجور الذي لحق بهم ورغبة في تحسين وضعهم المعيشي السيء. ولذا استغلوا وجود المأمون في مرو في بداية خلافته وتمردوا على السلطة بإثارة الاضطرابات وعدم الاستقرار حتى تغلبوا على طريق البصرة ، وبدئوا يغيرون على السفن القادمة إلى بغداد وينهبون غلاتها ويسيطرون على الطريق المائي المؤدي إلى بغداد فانقطع بذلك عنها جميع ماكان يحمل إليها من البصرة في السفن .
حتى قام المعتصم بإرسال جيش عظيم ضم إليه من الجند خلقاً كثيراً ، وجعل على قيادته عجيف بن عنبسة الذى ظل يحاصرهم مدة تسعة أشهر حتى أرغمهم على طلب الأمان فأمنهم وقد بلغ عدد مقاتليهم إثني عشر ألفاً .
وبعد هزيمة الزط حملهم القائد عجيف في السفن وهم على هيئتهم في الحرب ودخل بهم بغداد يوم عاشوراء سنة 220هـ / 835 م فمروا أمام الخليفة المعتصم ورجال دولته حيث أمر المعتصم بنفيهم إلى خانقين في ثم نقلوا بعدها إلى ثغر عين زربة وبقوا هناك حتى أغار البيزنطيون على مدينـة عين زربة سنـة 231هـ / 855 م فأسروا من كان فيها ونقلوهم إلى الأناضول.
وعلى أثر الفتن التي قام بها الزط في جنوبي العراق وهزيمتهم ، قامت القبائل الزطية في بلاد السند ايضاً بالفتن والاضطرابات ضد العرب ( سنة 221هـ / 836 م ) وذلك في مستهل حكم عمران بن موسى بن يحي البرمكي فقاتلهم قتالاً شديداً حتى انتصر عليهم ثم بنى مدينة بالقرب من منطقتهم القيقان وسماها ( البيضاء )وأسكنها جنده وحصنها وجعلها بمثابة مركز عسكري لمراقبة تحركات الزط والقضاء عليها بسرعة وسهولة ولقد كان نفيهم إلى الثغور الإسلامية نتيجة خطة مدبرة من الدولة العباسية لإبعادهم نهائياً عن قلب العالم الإسلامي .
------------------------------------------------[right]