علي كاظم درجال الربيعي القمة
عدد المساهمات : 309 نقاط : 792 تاريخ التسجيل : 08/12/2011 العمل : البحوث والادب العربي
| موضوع: تاريخ خراب البصرة الأربعاء مايو 16, 2012 1:32 am | |
| تاريخ خراب البصرة ----------------------- فتنة وراء فتنة دوما فتنة الزط ثورة الزنج
طالما كانت البصرة محل استهداف كبير لعدة عوامل غالبها خارجي بغية السيطرة على ثغر العراق الباسم والرافد للعلماء في محاولات على الدوام نجدها مستمرة حد ايامنا الراهنة حيث تمر البصرة الفيحاء واهلها الطيبين اليوم بواحدة من ابشع حوادث استهدافها المتكرر في تاريخ البلاد وهذه المرة اجتمعت ضدها الخصوم مستقوين بالاعداء اللئام وهم في ذلك لم يراجعوا تاريخا ولم يلتفتوا له ولاجل ذلك نشير لبعض وقائع سير التاريخ بايجاز عن استهداف مدينة الحسن البصري وغيره من الاعلام رحمهم الله اجمعين ففي خلافة المعتصم الخليفة العباسي الشهير الذي عمر وبنى وسكن مدينة سر من رأى التاريخية حدثت فتنة المعروفين بالزط وهم من العبيد والهنود الذين تكاثروا جنوبي العراق وكانت تلك الفتنة قد هددت مرافق وهيبة الدولة عندما سيطر أولئك على الطريق المائي ما بين البصرة وبغداد واستولوا على المنطقة وفرضوا المكوس الجائرة والإتاوات على المسافرين ثم قطعوا المؤونة والقوت إلى بغداد بعد أن حالوا دون وصول البضائع وتفاقم أمرهم شيئا فشيئا ولكن الخليفة المعتصم المعروف باعتماده على الأتراك في جيشه كان قد انتدب إليهم القائد العربي عجيف بن عنبة الذي جهز جيشه وسار إليهم ولكنه عسكر بالقرب من واسط مدينة الكوت الحالية والذي سد عليهم الأنهار وأحاط بهم من كل جانب وحاصرهم ثم قاتلهم واستمر ذلك مدة تسعة اشهر حتى أرغمهم على طلب الأمان وقد كان عددهم سبعا وعشرين ألفا بين رجال ونساء وأطفال فأمر عجيف بتحميلهم على ظهور السفن وسار بهم حتى دخل بهم بغداد في يوم عاشوراء من سنة 220ه فشاهدهم المعتصم ورجال دولته جميعا ثم أمر المعتصم بنفيهم من البلاد إلى آسيا الصغرى وتم نفيهم إلى هناك.. وقيل إن قليلا منهم من الذين تمكنوا من الهرب قد بقوا في المنطقة الجنوبية لبلاد الرافدين وانتشروا جوارها ليبقى شرهم كامنا ففي خلافة الخليفة المعتمد كانت حركة الزنج تتفاقم ولم تعالج بالحسم وفي عام 257ه اكتسح الزنج مدينة البصرة حيث يقول ابن الغملاس ان الزنج قد هاجموا المدينة وفرت الناس منهم وصار على الناس منهم امر عظيم لايوصف بسهولة حتى انهم استباحوها ثلاثة ايام وداروا بها ما بين السلب والنهب والقتل والحرق وقد هدم فيها خمسة عشر الف دار ومئتي مسجد جامع وبعدها اعلن كبيرهم الامان وامر ان يجتمع من بقي حيا من الناس عند المسجد الكبير الذي لم يعد له وجود اثر تلك الحادثة ايضا حيث اجتمع من الناس قدر مائة الف وقيل مائة وعشرين الف نسمة ولما اجتمعو امر ذلك المجرم بمحاصرتهم وقتلهم جميعا حتى ان الجامع اصبح بحيرة من دماء ثم امر بهدم الجامع فوق الضحايا فهدم واحرق في مشهد عصيب اليم فلما وصل الخبر الى الخليفة المعتمد ثارت ثائرته هنا فجهز لهم قوة جسيمة من العساكر وارسلهم بقيادة احمد المولد ولما ساروا ووصلوا الى الإبلّه هاجمهم الزنج على حين غرة فهزم عسكرا احمد المولد وقتل الاكثرية ثم تحول الزنج لنهب واستباحة الابله وقتلوا غالب اهلها, وقد رثى ابن الرومي اهل البصرة وما نالهم من صاحب الزنج واتباعه بقصيدته المعروفة ----------------------------- لهف نفسي عليك ايتها البصرة***لهفا كمثل لهف الضرام فلما سمع المعتمد اخبار الاجهاز على القوة التي ارسلها غضب كثيرا واحس بتعاظم الخطر على البلاد والامة فجهز لهم قوة كبيرة على راسه اخيه وولي عهده الموفق وكتب الى واسط والاطراف كلها في ان تلتحق العسكر بهذا القوة ولما اجتمعت القوة في طريقها وسارت ووصلت حتى نهر المعقل صادفهم الزنج بقيادة يحي بن محمد البحر فاشتعلت نار الحرب ودار الصراع عنيفا حتى هزم الزنج بعد قتال ساعتين او اكثر فقتل منهم من قتل واسر الباقون وعلى راسهم ذلك المجرم فارسل مكبلا الى بغداد ومنها الى سامراء حيث مقر الخلافة فقام الخليفة بقتله على الاشهاد ليكون عبرة وهنالك احداث اخرى نتجت من اخطاء تخللت تلك المرحلة منها تفشي وباء الطاعون في البصرة وواسط بسبب ان اولئك الاوباش كانوا ياكلون لحوم من يقع بايديهم من الابرياء في هذه الحرب الهمجية مع الناس وهنا تفرقت عساكر الموفق وعاد هو الى سامراء مخافة الوباء وان تلك الفتنة بقيت متارجحة لكنها كانت قد انهكت من موارد الخلافة الشيء الكثير وقيل ان اهمالها وتراكمها كان بسبب عدم وحدة الراي والحساسية والخلاف لاسباب عديدة للموقف بين المعتمد والقائد احمد بن طولون من جهة والموفق اذ كان المعتمد لايرغب بتدعيم موقف الموفق لكن احمد بن طولون كان قد بعث بيد رسول الموفق مبلغ مليوناً ومائتي الف دينار لدعم العسكر ضد اخطار المنطقة الشرقية وشيع الرسول والمال بنفسه الى العريش لتيقنه بتعاظم الخطر هنالك على الرغم من معارضة المعتمد وبذلك يكون قد خالف اوامر الخليفة والخ, وتلك حقبة اناسها قد خلوا من بيننا . أما خراب البصرة فرواياته ثلاثة أنواع: خرابها بالغرق. وخرابها بثورة الزنج. و(خرابها) بوقوع خسف وتدمير فيها. وأكثر كلمات أمير المؤمنين عليه السلام الواردة في نهج البلاغة وغيره تقصد الخرابين الأولين اللذين وقعا في زمن العباسيين كما ذكر عامة المؤرخين. قال عليه السلام في الخطبة رقم13: (كنتم جند المرأة، وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم. أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق. المقيم بينكم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه. كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة، وقد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها، وغرق من في ضمنها). قال ابن أبي الحديد: (فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق ما عدا المسجد الجامع بها، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها، فتغرق ويبقى مسجدها. - أن البصرة تهلك بالماء الأسود يتفجر من أرضها (يقصد النفط، وقد يكون المقصود أن خرابها يكون بسبب وجود النفط تحت أرضها. وهذا الذي نراه اليوم من الصراع بين الأطراف للسيطرة على البصرة والتحكم بمواردها النفطية…وقد يؤدي هذا التقاتل لخراب البصرة والله أعلم. والصحيح أن المخبر به قد وقع. فإن البصرة غرقت مرتين، مرة في أيام القائم بأمر الله، غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزا بعضه كجؤجؤ الطائر، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام، وخربت دورها وغرق كل ما في ضمنها، وهلك كثير من أهلها، وأحد هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة يتناقله خلفهم عن سلفهم). انتهى. وأما خرابها بسبب ثورة الزنج التي وقعت في زمن العباسيين في منتصف القرن الرابع، فقد أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام أكثر من مرة، من قبيل الخطبة 128 التي قال فيها: (يا أحنف كأني به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لجب، ولا قعقعة لجم، ولاحمحمة خيل، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام). قال الشريف الرضي(ره): ( يومئ بذلك إلى صاحب الزنج). ثم قال عليه السلام ويل لسكككم العامرة، والدور المزخرفة، التي لها أجنحة كأجنحة النسور. وخراطيم كخراطيم الفيلة، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم، ولا يفقد غائبهم). وثورة الزنج بدأت في القرن الثالث بقيادة القرمطي الذي ادعى أنه علوي، وهي مدونة في مصادر التاريخ، وقد انطبقت عليها الأوصاف التي وصفها بها أمير المؤمنين عليه السلام بشكل دقيق، وكانت ردة فعل للظلم والترف واضطهاد العبيد، وكان عامة جيشها من الزنوج العبيد الحفاة الذين لا خيل لهم. ----------------------------- | |
|