علي كاظم درجال الربيعي القمة
عدد المساهمات : 309 نقاط : 792 تاريخ التسجيل : 08/12/2011 العمل : البحوث والادب العربي
| موضوع: عينية المرحوم الشاعر الجواهري الإثنين فبراير 27, 2012 12:44 pm | |
| عينية المرحوم الجواهري ( رحمه ألله ) ------------------------------- فِدَاءً لمثواكَ من مَضْــجَعِ * تَنَـوَّرَ بالأبلَـجِ الأروَعِ
بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنـانِ * رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْـوَعِ
وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف" * وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْـرَعِ
وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس * على نَهْجِكَ النَّيِّـرِ المَهْيَـعِ
وصَوْنَاً لمجدِكَ مِنْ أَنْ يُذَال * بما أنتَ تأبـاهُ مِنْ مُبْـدَعِ
فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالدِينَ * فَـذَّاً ، إلى الآنَ لم يُشْفَـعِ
ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ * للاهينَ عن غَـدِهِمْ قُنَّـعِ
تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ * وبُـورِكَ قبـرُكَ من مَفْـزَعِ
تلوذُ الدُّهورُ فَمِنْ سُجَّدٍ * على جانبيـه ومـن رُكَّـعِ
شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ * نَسِيـمُ الكَرَامَـةِ مِنْ بَلْقَـعِ
وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ * خَـدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْـرَعِ
وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ * جالتْ عليـهِ ولم يَخْشَـعِ
وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ * بِروحي إلى عَالَـمٍ أرْفَـعِ
وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ * بصومعـةِ المُلْهَـمِ المُبْـدِعِ
كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ * حمراءَ " مَبْتُـورَةَ الإصْبَـعِ"
تَمُدُّ إلى عَالَـمٍ بالخُنُـوعِ * وَالضَّيْـمِ ذي شَرَقٍ مُتْـرَعِ
تَخَبَّطَ في غابـةٍ أطْبَقَـتْ * على مُذْئِبٍ منـه أو مُسْبِـعِ
لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيـبَ الضَّمِيرِ * بآخَـرَ مُعْشَوْشِـبٍ مُمْـرِعِ
وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ * خوفـاً إلى حَـرَمٍ أَمْنَـعِ
***
تعاليتَ من صاعِقٍ يلتظي * فَإنْ تَـدْجُ داجِيَـةٌ يَلْمَـعِ
تأرّمُ حِقداً على الصاعقاتِ * لم تُنْءِ ضَيْـراً ولم تَنْفَـعِ
ولم تَبْذُرِ الحَبَّ إثرَ الهشيمِ * وقـد حَرَّقَتْـهُ ولم تَـزْرَعِ
ولم تُخْلِ أبراجَها في السماء * ولم تأتِ أرضـاً ولم تُدْقِـعِ
ولم تَقْطَعِ الشَّرَّ من جِذْمِـهِ * وغِـلَّ الضمائـرِ لم تَنْـزعِ
ولم تَصْدِمِ الناسَ فيما هُـمُ * عليهِ مِنَ الخُلُـقِ الأوْضَـعِ
تعاليتَ من "فَلَـكٍ" قُطْـرُهُ * يَدُورُ على المِحْـوَرِ الأوْسَـعِ
فيابنَ البتـولِ وحَسْبِي بِهَا * ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِـي
ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها * كمِثْلِكِ حَمْـلاً ولم تُرْضِـعِ
ويابنَ البَطِيـنِ بلا بِطْنَـةٍ * ويابنَ الفتى الحاسـرِ الأنْـزَعِ
ويا غُصْنَ "هاشِـمَ" لم يَنْفَتِحْ * بأزْهَـرَ منـكَ ولم يُفْـرِعِ
ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود * خِتَـامَ القصيـدةِ بالمَطْلَـعِ
يَسِيرُ الوَرَى بركابِ الزمانِ * مِنْ مُسْتَقِيـمٍ ومن أظْلَـعِ
وأنتَ تُسَيِّرُ رَكْبَ الخلـودِ * مـا تَسْتَجِـدُّ لـهُ يَتْبَـعِ
***
تَمَثَّلْتُ يومَكَ في خاطـرِي * ورَدَّدْتُ صوتَكَ في مَسْمَعِـي
وَمَحَّصْتُ أمْرَكَ لم أرْتَهِـبْ * بِنَقْلِ " الرُّوَاةِ " ولم أُُخْـدَعِ
وقُلْتُ: لعـلَّ دَوِيَّ السنين * بأصـداءِ حادثِـكَ المُفْجِـعِ
وَمَا رَتَّلَ المُخْلِصُونَ الدُّعَاةُ * من " مُرْسِلِينَ " ومنْ "سُجَّـعِ"
ومِنْ "ناثراتٍ" عليكَ المساءَ * والصُّبْحَ بالشَّعْـرِ والأدْمُـعِ
لعلَّ السياسةَ فيما جَنَـتْ * على لاصِـقٍ بِكَ أو مُدَّعِـي
وتشريدَهَا كُلَّ مَنْ يَدَّلِي * بِحَبْلٍ لأهْلِيـكَ أو مَقْطَـعِ
لعلَّ لِذاكَ و"كَوْنِ" الشَّجِيّ * وَلُوعَاً بكُـلِّ شَـجٍ مُوْلـعِ
يداً في اصطباغِ حديثِ الحُسَيْن * بلونٍ أُُرِيـدَ لَـهُ مُمْتِـعِ
وكانتْ وَلَمّا تَزَلْ بَـــرْزَةً * يدُ الواثِـقِ المُلْجَأ الألمعـي
صَناعَاً متى ما تُرِدْ خُطَّةً * وكيفَ ومهما تُـرِدْ تَصْنَـعِ
ولما أَزَحْتُ طِلاءَ القُرُونِ * وسِتْرَ الخِدَاعِ عَنِ المخْـدَعِ
أريدُ "الحقيقةَ" في ذاتِهَـا * بغيرِ الطبيعـةِ لم تُطْبَـعِ
وجَدْتُكَ في صورةٍ لـم أُرَعْ * بِأَعْظَـمَ منهـا ولا أرْوَعِ
وماذا! أأرْوَعُ مِنْ أنْ يَكُون * لَحْمُكَ وَقْفَاً على المِبْضَـعِ
وأنْ تَتَّقِي - دونَ ما تَرْتَئـِي- * ضميرَكَ بالأُسَّـلِ الشُّـرَّعِ
وأن تُطْعِمَ الموتَ خيرَ البنينَ * مِنَ "الأَكْهَلِيـنَ" إلى الرُّضَّـعِ
وخيرَ بني "الأمِّ" مِن هاشِمٍ * وخيرَ بني " الأب " مِنْ تُبَّـعِ
وخيرَ الصِّحابِ بخيرِ الصُّدُورِ * كَانُـوا وِقَـاءَكُ ، والأذْرَعِ
وقَدَّسْتُ ذِكراكَ لم انتحِـلْ * ثِيَـابَ التُّقَـاةِ ولم أَدَّعِ
تَقَحَّمْتَ صَدْرِي ورَيْبُ الشُّكُوكِ * يِضِـجُّ بِجُدْرَانِـهِ الأَرْبَـعِ
وَرَانَ سَحَابٌ صَفِيقُ الحِجَاب * عَلَيَّ مِنَ القَلَـقِ المُفْـزِعِ
وَهَبَّتْ رِياحٌ من الطَّيِّبَـاتِ * و" الطَّيِّبِيـنَ " ولم يُقْشَـعِ
إذا ما تَزَحْزَحَ عَنْ مَوْضِعٍ * تَأَبَّى وعـادَ إلى مَوْضِـعِ
وجَازَ بِيَ الشَّـكُّ فيما مَعَ * " الجدودِ " إلى الشَّكِّ فيما معي
إلى أن أَقَمْتُ عَلَيْهِ الدَّلِيـلَ * مِنْ " مبدأٍ " بِدَمٍ مُشْبَـعِ
فأسْلَمَ طَوْعَا ً إليكَ القِيَـادَ * وَأَعْطَاكَ إذْعَانَـةَ المُهْطِـعِ
فَنَوَّرْتَ ما اظْلَمَّ مِنْ فِكْرَتِي * وقَوَّمْتَ ما اعْوَجَّ من أضْلُعِـي
وآمَنْتُ إيمانَ مَنْ لا يَـرَى * سِوَى العَقْل في الشَّكِّ مِنْ مَرْجَعِ
بأنَّ (الإباءَ) ووحيَ السَّمَاءِ * وفَيْضَ النُّبُوَّةِ ، مِـنْ مَنْبَـعِ
تَجَمَّعُ في (جوهرٍ) خالِصٍ * تَنَزَّهَ عن ( عَرَضِ ) المَطْمَـعِ ----------------- * ألقاها الشاعر في الحفل الذي أقيم في كربلاء يوم 26 تشرين الثاني 1947، لذكرى استشهاد الحسين. * نُشرت في جريدة " الرأي العام " العدد 229 في 30 تشرين الثاني 1947. * كُتب خمسة عشر بيتاً منها بالذهب على الباب الرئيسي الذي يؤدي إلى الرواق الحسيني. | |
|