معلومات عن عشيرة الصبيح في فلسطين
------------------------------------------
الموقع الجغرافي
----------------------
عشيرة الصبيح هي إحدى القبائل العربية المستقرة في قضاء الناصرة شرقاً ، وتمتد ّ مضاربها من السفح الشمالي لجبل الطور ( طابور ) جنوبا وحتـّى تخوم أراضي قرية الشجرة شمالا ، كما تمتدّ ما بين طريق عام أم الغنم شرقاً وحتـّى تخوم أراضي قرى عين ماهل ودبورية غرباً .
أمـّا الأرض التي يملكها أهالي عرب الصبيح فهي مسجلة بموجب سندات التمليك الرسمية وهي موزعة في غابة الصبيح وأم الغنم وسهل العرب في محيط كفر كما.
ويحيط بمضارب عرب الصبيح عدد من المواقع الأثرية مثل الدير الأثري والذي يقدسه الميسحيون والمتربع على قمة جبل الطور ، وخربة الشيخ محمد شمال منازل الظهرات وهو موقع أثري أيضا ومن الجهة الشرقية الشمالية من منازل الظهرات يقع سوق الخان وبالقرب من طريق عام أم الغنم الشجرة والذي بني في العهد العثماني .
أمـّا تضاريس موقع غابة الصبيح فوعرة جداً وهي عبارة عن هضبة مغطاة بالأشجار الحرجية والصخور البيضاء يفصلها عن الطريق العام شرقاً وادي الشرار وعن منطقة عين ماهل غرباً وادي المدي ، كما يقع جبل سيخ الى الشمال الغربي من الصبيح
وقد أفاد مجاهدوا الصبيح من طبيعة المنطقة للتحصّن في معاركهم ضد اليهود خلال أحداث حرب فلسطين عام 1948 .
و قد كان موقع مضارب عرب الصبيح استراتيجياً فهي حلقة الوصل بين شمال الأردن و الساحل الشمالي لفلسطين و هي كذلك ما بين وسط البلاد و المنطقة الشمالية و لبنان و من هنا كان أهمية كبيرة جداً من الناحية الاجتماعية والتجارية والإستراتيجية الأمنية باعتراف قادة اليهود في معارك الصبيح ضد الصهاينة في حرب عام1948 اذ اعتبروا أن عرب الصبيح بموقعهم الجغرافي وموقفهم القتالي يشكلون عائقا و سداً منيعاً أمام هجوم مسلحي اليهود على منطقة الناصرة وحتى الساحل الفلسطيني في الشمال الغربي..
2. الحياة الاجتماعية
-------------------------------
تتألف عشيرة عرب الصبيح من ستة أفخاذ رئيسة هي:
----------------------------------
( الظهرات / المقطرن / الشديدة / السنيدات / النجيدات / الشبلي ) ثم انضم الى عشيرة الصبيح لاحقاً الأفخاذ : الشكور / الغنام / الموالي ) .
وقد اتخذ كل فخذ من أفخاذ العشيرة موقعا متميزا داخل مضارب العشيرة
ويدعى مكان اقامة عشيرة الصبيح في الحدود المذكورة آنفا بغابة الصبيح نسبة لكثافة الأشجار الحرجية في المكان مثل أشجار الخروب والسِّريس والسنديان وبعض الأشجار المثمرة مثل العنب والتين والزيتون واللوز
وربما يعود أصل تسمية العشيرة باسم الصبيح الى اسم جد العائلة الأولى التي أقامت في هذا المكان ( صبيح )
كما يعود جذر كلّ فخذ من أفخاذ العشيرة في الأصل الى عائلة أوعائلتين أو ثلاثة عائلات وفدت الى المكان في زمن قديم حتى تكونت فيما بعد مجموعة الأفخاذ المذكورة سابقاً لتصبح عشيرة واحدة موحدة في كل شؤونها الداخلية والخارجية يرأسها شيخ القبيلة و كانت المشيخة قبل الهجرة باسم شيخ مشايخ قبيلة الصبيح في (( بيت العثمان من فخذ الشديدة )) والذي يعتقد أنه أقدم الأفخاذ تواجداً في غابة الصبيح وقد اشتهر من مشايخ هذا البيت ( الشيخ حميدي الشهاب وعثمان الشهاب ثم ابنه محمود العثمان ثم ابنه خالد محمود العثمان ) ذلك حتى العقد الخامس بعد هجرة القبيلة من فلسطين الى أرض الشتات كما برز عدد من المشايخ الوجهاء لكلّ فخذ من أفخاذ العشيرة منذ القديم وحتى يومنا هذا
وبعد اغتصاب فلسطين عام 1948 هاجر قسم كبير من قبيلة الصبيح الى الدول العربية المجاورة ليتخذوا مكان اقامتهم في مخيمات التشرد في سوريا والأردن ولتبدأ رحلة والبؤس والتشرد .
أمـّا فخذ الشبلي وحده فقد بقي في مكان إقامته على سفح جبل الطور الشمالي ولم يهاجروا خارج فلسطين هؤلاء الذين لم تقلّ معاناتهم في ظل ّ الاحتلال عن أقاربهم في بلاد الغربة والتشرد
وعرفت عشيرة الصبيح منذ القدم وحتى يومنا هذا بالتراحم والتكافل والتضامن فيما بينها كما ظهرت موحدة مرموقة المنزلة بين القبائل الأخرى.
واستطاعت بفضل الله ثم بمشايخها الأفذاذ مثل (( محمود العثمان وحسين الخليل ومحمد الخليل ونمر العقلة )) ان تفرض احترامها على العشائر الاخرى كما أقامت علاقات متميزة مع أعرق العائلات فيها ،الأمر الذي جعل عشيرة الصبيح تتبوأ منزلة اجتماعية رفيعة في إقليم الجليل شمال فلسطين وقد عرفت بصفات الشهامة والمروءة والإباء والشجاعة والكرم وحسن إدارة المعارك ضد الصهاينة المغتصبين حيث كان لهم دور بارز في عملية الجهاد المقدس ضد العصابات الصهيونية في حرب فلسطين عام 1948 في معارك مشهودة تمكنوا خلالها من تحقيق النصر على الغزاة وكبدوا العدو فيها خسائر فادحة وسنأتي على ذكر ذلك لاحقاً وبالتفصيل.
ثمّ انّ ما نالته عشيرة الصبيح من مكانة رفيعة في محيطها قد مكنها من لعب دور متميز و خاصة في السعي لإصلاح ذات البين و التوسط بين المتخاصمين في الجوار وقد وفقوا في الكثير من مساعيهم الخيّرة وقد برز للعب هذا الدور بكفاءة عالية وشهرة واسعة بالاضافة الى الشيخ محمود العثمان الشيخين محمد الخليل ونمر العقلة .
كما برزوا بدور مهمّ جداً في اقليمهم في المناسبات التي تستوجب الافتاء في القضاء العشائري أو بالرأي الترجيحي فعندما يندبون لذلك حيث كانوا يتوخون في جل ّ مساعيهم الخيّرة هذه إحقاق الحق والحكم بالعدل والأمر بالمعروف _ حسب الثقافة الشائعة إذ ذاك _ وقد اشتهروا بقدرتهم الفائقة على تنفيذ قراراتهم في عقد الصلح بين الناس حتى اذا لزم الأمر يتم استعمال القوة.
كما اشتهرت عشيرة الصبيح باقتناء الخيول الأصيلة التي كان لفرسانها شأن في تحقيق الفوز والغلبة في ميادين السباق في الكثير من المناسبات و خاصة مناسبات الأفراح ،الأمر الذي أذاع صيتهم فيما حولهم.
أمّا من ناحية عدد نسماتهم فوفق إحصائية عام 1922 بلغ عدد أفراد العشيرة(653 ن)
ووفق إحصائية عام 1931 بلغوا ( 716 ن ) _ 358 / ذكور ـ و 358 / إناث
ولهم 153 / بيتاً وفي عام 1945 ارتفع عددههم إلى (1320 ن )
وفي إحصائية الأعداء كان عددهم في 8 / 11 / 1948 ( 402 ن)
وفي 31 / 12 / 1949 انخفض عددهم الى (398 ن) _ انظر كتاب بلادنا فلسطين للدباغ _
وهاتان الاحصائيتان في عام 1948 و عام 1949 أخذتا بعد الهجرة وقد انسحب هذا الاحصاء الأخير على فخذ الشبلي الذي بقي في الأرض المحتلة وحده
3 النشاط الاقتصادي
-------------------------------
اهتم أهالي عشيرة الصبيح بتربية المواشي والزراعة كمصدرين رئيسين لكسب الرزق، فمن أهمّ ماعنوا بتربيته الأغنام والماعز والأبقار والدواجن وتعدّ طبيعة مضارب الصبيح بما فيها من الأعشاب المتنوعة طبيعة صالحة للرعي وربما اضطر الرعاة أحيانا لمغادرة مضاربهم في سني الجدب الى أماكن أخرى طلبا للكلأ.
كما كانوا يعتمدون على عيون الماء المجاورة لمضارب العشيرة في جلب مياه الشرب وسقاية المواشي
ومما اشتهرت به القبيلة تربية الخيول وخاصة الأصيلة منها حيث شهدت ميادين الفروسية لأبناء العشيرة ولخيولهم وقد تمثل ذلك بالفوز بالعديد من الجوائز فيما كان يجري من سباقات في المناسبات المختلفة كالأعراس و الطهور.
اتخذ أهالي العشيرة بيوتهم من الحجر بعد أن كانت من الشعر وتمتلك عشيرة الصبيح 8686 دونما بموجب سندات تمليك رسمية أما من ناحية النشاط الزراعي فقد كان أفراد القبيلة يزاولون أعمال الفلاحة باستخدام البغال والعمّالات والمحراث التقليدي حيث كانوا يزرعون الحبوب بأنواعها والبقول والخضار والأشجار المثمرة مثل الزيتون والتين والكرمة واللوز وبعض الأشجار المثمرة الأخرى وتعتمد جميع هذه المزروعات في الري على مياه الأمطار
-------------------------------
الاستاذ أحمد علي النمر ( 2008 )
[right]