ولد الدكتور فرحان سنة 1909 في مدينة قلعة صالح الصغيرة في جنوب العراق.
وكباقي اقرانه من نفس الجيل فقد شهد خلال فترة حياته تغيرات كبيرة وكثيرة
طرأت على اسلوب حياة الاجداد والآباء في تلك الارض التي تمتد عميقا في
تاريخ ارض الرافدين.
ذلك الأسلوب الحياتي المتناغم تمامآ مع الطبيعة والذي منحه الدين المندائي
ذاته قوة وصلابة ايمانية لاحد لها، ارتبطت بالماء الجاري رمزأ لكل الطقوس،
ابتداءا من نهر الأردن ومن ثم أنهار بابل فيما بعد ودجلة والفرات.لتعكس
صورة التعميد الذي سبق التعميد المسيحي.
لقد عاش الدكتور فرحان فترة التتغيير بين هذا وعالمنا الحديث بالشكل الذي نعرفه في يومنا هذا.
فقد عاش فترة طفولة سعيدة خالية من الهموم بين رفاقه المندائيين الذين
تعايشوا كعائلة واحدة متماسكة آمنة, تجتمع بيوتهم سوية وهي تمتد واحدآ جنب
ألآخرعلى ضفاف نهر دجلة, هذا النهر الذي مثل لهم شريان الحياة الذي يعتمدون
عليه في دينهم وكسب رزقهم.
اما حدائقهم وحيواناتهم فكانت خلف بيوتهم تكفي تقريبآ معيشتهم كما كان يفعل أجداهم قبل مئات السنين.
كان الدكتور فرحان اول من التحق بالمدرسة الأبتدائية التي افتتحت حديثأ في
قلعة صالح وأكملها بتفوق لينتقل بعدها الى بغداد لينضم الى ثانوية
الأعدادية المركزية الشهيرة. وفي امتحانات البكالوريا النهائية, كان من
الطلبة الأكثر تفوقآ. التحق بعدها بكلية طب بغداد التي كانت حديثة الأفتتاح
بفضل جهود الدكتور ساندرسون, طبيب العائلة الملكية الهاشمية آنذاك. كان
ينجح سنويآ بدرجة شرف وينال المنحة السنوية والساعة الذهبية التي كان
يمنحها الملك غازي للطلبة المتفوقين.
كان الراحل فرحان سيف اول مندائي يتخرج من كلية طب بغداد في فترة اواسط
الثلاثينات من القرن الماضي. وبقي اسمه معلقآ مع مجموعة آخرين ضمن لوحة
الشرف في مدخل الكلية لعدة سنوات تلت.
اول وظيفة له كانت في مدينة الفاو – ميناء العراق الجنوبي المطل على
الخليج. كانت مهمته فحص الوافدين عن طريق السفن القادمة من الشرق الأقصى.
وذلك خوفآ من انتقال الأمراض المعدية.
كان زواجه الاول عام 1941 من السيدة اديبة حسن من أوائل المعلمات المندائيات بمدينة قلعة صالح و انجبت له خلود وحسام ونضال .
و في سنة 1942 تم تعيينه طبيبآ في مدينة العمارة واصبح الطبيب المسؤول عن
صحة نزلاء سجن العمارة الذي كان فيه يحتجز الكثير من العراقيين الوطنيين
المتميزين بنضالهم من اجل حياة افضل لشعبهم. والمه سوء المعاملة التي يتعرض
لها السجناء هناك فكتب تقرير الى المسؤولين حول سوء الاوضاع الصحية و عدم
وجود اي شكل من اشكال العناية الصحية الاساسية في السجن وكان نتيجة التقرير
ان صدر قرار بسجنه مع نفس المسجونين وفي نفس السجن لمدة سنتين.
وبعد خروجه من السجن, تخلى عن وظيفته في المستشفيات الحكومية ليفتح عيادته
الجراحية الخاصة في اقدم منطقة من مدينة البصرة الجنوبية. كانت عيادته
ولسنوات عديدة مكتضة بالمرضى من كل فئات وطبقات المجتمع.
في ذلك الوقت لاحظ الكم الكبير من حالات التهاب العين وامراض المنطقة فقرر
في سنة 1948 السفر الى انكلترا ليتخصص في ذلك المجال الطبي الا وهو طب
العيون.
وبعد اكماله دراساته العليا, عاد الى البصرة وافتتح عيادته في منطقة العشار
ليعالج آلاف المرضى. وكان الطبيب الوحيد الأخصائي في طب العيون في جنوب
العراق كله. لقد قام بعدد كبير من عمليات العيون في المستشفى في الطابق
العلوي من عيادته وكذلك في العديد من كبريات المستشفيات في منطقة الميناء و
مستشفى البصرة.
انتقل في عام 1959 الى بغداد واصبح محاضرأ في كلية الطب ولكنه تقاعد بعد
سنتين وعاد الى البصرة للعيش والزواج ثانية من السيدة ابتسام عواد سبهان و
رزق بخالد( قتل على يد الارهابيين في البصرة عام 2003) وسلوى وكريمة.
في صيف 1980 شد الرحال الى الولايات المتحدة الأمريكية وخضع لعملية فتح
قلب. وفي الثاني من ايلول من عام 1986, توقف قلبه فجأة فغادر الحياة وكانت
حينها البصرة تتعرض الى قصف شديد اثناء الحرب بين العراق و أيران. وكانت
رحى الحرب يومها تدور لأكثر من خمسة اعوام وكانت مدينة البصرة واحدة من
اكثر المدن استهدافآ.
وبهذا انطوت صفحة أخرى من حياة علم بارز من اعلام المندائية
========================================
عن موضوع كتبته ابنته الفنانه خلود فرحان سيف-[right]